الزوج
موجود، الولد مولود، الأخ مفقود...
وهذا المثل قيل في قصة الحجاج مع المرأة التي أسر الحجاج
زوجها وولدها وأخاها، وخيرها بين أحدهم لإنقاذه من الإعدام، فاختارت أخاها، وقالت
هذه الجملة.
وحتى لو ثبتت هذه القصة، ففي القرآن والحديث ما يدل على
فضل الزوج، وعلى عقوبة من تجحد زوجها، وتجحد فضله ما يجعل هذه القصة هباءً منثورًا
خاصة عند من يستدلون بها على جحد حق الزوج لأجل الأخ، سواء من طاعة أو غيرها.
وبالتأكيد
فإن الأخ هو أعز الناس سواء على الرجل أو المرأة، وأقرب الناس إلى أحدنا هو أخوه؛ قال
تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34)} [عبس: 34] فذكر الله أن أول
من يفر المرء منه يوم القيامة هو الأخ؛ لشدة قربه في الدنيا، ومع شدة قربه منا إلا
أنه أول من يفر، وهذا دليل كافي على مدى قرب الأخ ومحبته ومعزته داخل نفوسنا
جميعًا.
لكن
هل ذلك يدعو بناتنا أو نسائنا إلى ظلم أو جحد أزواجهم لأجل أخيها، وهل هذا الأخ سيكون
لها في الدنيا حاميًا، أو ساترًا لعرضها وشرفها، أو حافظًا لدينها، أو مؤدبًا لأولادها،
أو قائمًا بنفقتها، أو سكنها ... إلى آخر ذلك مما تحتاجه في الدنيا والآخرة؟؟؟؟!!!
بالطبع
لا، فهذا الفضل كله للزوج، والزوج وحده، ولا يستطيع لا أب، أو أخ، أو ابن أو أيًا
كان من القيام بهذا الفضل والذي حباه الله للزوج وحده؛ قال تعالى: {الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ
وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34].
فإذا
كان الأمر كذلك، فكيف تفضل المرأة أباها، أو أخاها، أو ابنها، أو أيًا كان على
زوجها، وتجحد حقه أو فضله؟!
ضف
إلى ذلك ما أمر الشرع الحكيم به من حفظ فضل الزوج، وحسن طاعته، وحفظ ماله، وعرضه،
وحسن معاشرته، وعدم الامتناع متى طلبها، وعدم الخروج إلا بإذنه ... إلى آخر الحقوق.
{الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ
وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ
بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34].
طاعة الزوج
مفتاح الجنة
فَعَنِ
أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَرْأَةُ
إِذَا صَلَّتْ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَأَحْصَنَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا
فَلْتَدْخُلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ».
قال
الإمام أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة: "طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا
أن يأذن لها".
وفي
الإنصاف: "لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها، ولا زيارة ونحوها، بل طاعة
زوجها أحق".
وَعَنْ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ
النَّاسِ أَعْظَمُ حَقًّا عَلَى الْمَرْأَةِ؟ قَالَ: «زَوْجُهَا» قُلْتُ: فَأَيُّ
النَّاسِ أَعْظَمُ حَقًّا عَلَى الرَّجُلِ؟ قَالَ: «أُمُّهُ».
عَنْ
حُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ، أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا، فَقَالَ لَهَا: «أَذَاتُ
زَوْجٍ أَنْتِ؟» ، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ؟» قَالَتْ:
مَا آلُوهُ إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ، قَالَ: «انْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ
فَإِنَّهُ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ».
عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ مِنَ الشَّامِ
سَجَدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا هَذَا يَا
مُعَاذُ؟» قَالَ: أَتَيْتُ الشَّامَ فَوَافَقْتُهُمْ يَسْجُدُونَ
لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ، فَوَدِدْتُ فِي نَفْسِي أَنْ نَفْعَلَ
ذَلِكَ بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَا
تَفْعَلُوا، فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ،
لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ
بِيَدِهِ، لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ
زَوْجِهَا، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ».
فإذا
كان الأمر كذلك، وكان الزوج هو الدنيا، وهو الآخرة، فكيف بامرأة عاقلة سوية تفرط
في دنيتها وآخرتها وتجحد فضل زوجها لأجل أب، أو أخ، أو أيًا كان؛ بداعي أن الأخ
أعز الناس، وأن الأخ مفقود؟! هذا لا تقوم به امرأة سوية تتقي الله وتخافه.
فوالذي
خلق الإبل، ونصب الجبال، وبسط الأرض، ورفع السموات بغير عمد، لن يفديها من حساب
ربها عن زوجها لا أخ، ولا أب، ولا أي أحد {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي
مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12)
وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ
يُنْجِيهِ} [المعارج: 11 - 14].
وإذا
كان لن ينجيها من هذا الحساب هذا الذي جحدت فضل زوجها لأجله، فعلى المرأة السوية
أن تتقي الله في زوجها، وأن تحفظ نفسها من عقاب الله ومن غضبه ومن حسابه يوم
الطامة الكبرى.
وعلى
أسر المسلمين أن يعلموا بناتهم قبل تزويجهن فضل الزوج، وحسن طاعته، وحسن معاشرته،
وطيب القول له، والرفقة بالمعروف.
تعليقات
إرسال تعليق