رحل يوم 26 الشهر الماضي (فبراير/ شباط) عازف البزق الكردي المبدع، سعيد يوسف، المولود في القامشلي 1947، حامل لقب "أمير البزق" الذي أطلقته عليه نقابةُ الفنانين السوريين. لا يستطيع أحد أن يشكك بمؤهلات الراحل لحمل لقب كبير كهذا، فهو عازفٌ، ومغنٍ، ومؤلف، وملحن، ومجدّد .. سجله حافل بشهادات التقدير والتكريم من جهات ثقافية وفنية عالمية، بضمنها منظمة اليونسكو التي وزّعت في سنة 1973 أسطوانة ذهبية، سجلت عليها مختاراتٍ من معزوفاته وتقاسيمه على البزق .. ولكن المرء لا بد أن يتساءل عن جدوى إطلاق اللقب الذي يحمله الغجري المدهش، محمد عبد الكريم، نفسه، على سعيد، أمَا كان بمقدورهم أن يطلقوا عليه لقباً تكريمياً آخر؟
تقول سيرة محمد عبد الكريم (1911- 1989) إنه ولد في حمص، لأبٍ يعزف على العود والبزق. وكان أبوه أستاذه حتى مات، فتولاه شقيقه سليم، ورافقه للالتحاق بنادي الميماس، فعمل عازفاً في فرقة النادي الموسيقية، على الرغم من صغر سنه، ثم انتقل مع والدته إلى دمشق، وتعرّف على الزعيم الوطني فخري البارودي الذي أعجب بموهبته، وقدّمه للمجتمع الدمشقي. وهناك بدأ رحلته في تعلم الموسيقى الشرقية والغربية، وفي الوقت نفسه، كان يمارس العزف على البزق في الأماكن العامة، وشَكَّل مع فنان خيال الظل، أبي شاكر، ثنائياً ظريفاً.
لفخري البارودي، عدا عن نضالاته الوطنية وضلوعه في عالم السياسة، مآثر فنية لا تُنسى، منها تشجيعه الفنان الحلبي، صباح أبو قوس، على البقاء في سورية، ومساعدته إياه على الدخول في عالم الأضواء من بابه الواسع، وهو الذي لقبه صباح فخري، وهيأ له فرصة للغناء في القصر الرئاسي سنة 1948 أمام الرئيس شكري القوتلي، وهو الذي اشتغل على تأصيل التراث الموسيقي الشرقي. وكذلك أشار على مدير الإذاعة السورية، أحمد عسّه، بتبنّي المطربة فيروز، بعد إعجابه بالأغنية التي كتبها ولحنها منصور الرحباني "سوقي القطيع إلى المراعي".
جال محمد عبد الكريم في أمكنة كثيرة، في رحلة النبوغ والإبداع الطويلة، من دمشق إلى بيروت وبغداد والقاهرة والقدس وباريس والمدن الألمانية، وتعرّف على جهابذة التلحين والغناء. وفي بغداد، (أو في باريس، بحسب رواية أخرى) استمع ملك العراق فيصل إلى عزفه، فأطلق عليه لقب "أمير البزق"، وأصدر فرماناً خاصّاً بهذه التسمية. وفي القدس، تعلم التدوين الموسيقي، ولحن لمحمد غازي وماري عكاوي، ولعل أكثر ألحانه شهرةً كانت مع نجاح سلام "رقة حسنك وسمارك"، ومن أروع مآثره تأليف الشارة الموسيقية لإذاعة دمشق عند افتتاحها.
في لبنان، أطلق الموسيقار الفلسطيني، حليم الرومي، على المطربة نهاد حداد لقب فيروز، وعَرَّف عاصي ومنصور نفسيهما بلقب "الأخوان الرحباني"، وعُرفت جانيت فغالي باسم صباح، وحملت أيضاً لقب "الشحرورة".. وأما أشقاؤنا المصريون فيمكن أن نطلق عليهم لقباً هو "ملوك مطلقي الألقاب"، ففي وقت مبكر من القرن العشرين، أطلقوا على طه حسين لقب "عميد الأدب العربي"، وأضافوا لاسم سيد درويش لقب "الشيخ"، ولقّبوه "فنان الشعب"، وعُرف الشاعر أحمد شوقي بلقب "أمير الشعراء"، وقد ثبت الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان لقبَ الأمارة على شوقي ببيته الشهير الذي عارض فيه قصيدتَه عن المعلم، إذ قال: ويكاد يفلقني "الأميرُ" بقوله/ كاد المعلم أن يكون رسولا.
وكانت منيرة المهدية تُعرف بلقب "سلطانة الطرب" ثم اختصر لقبها إلى كلمة واحدة "السلطانة".. وسوء الحظ الذي تعرّضت له السلطانة كان بظهور المطربة فاطمة إبراهيم سيد البلتاجي التي لقبت أول مرة أم كلثوم، ثم لقبت ثومة، وسيدة الغناء العربي، وصاحبة العصمة، وكوكب الشرق، وقيثارة الشعب، في حين لقبت نجاة حسني البابا "نجاة الصغيرة"، ولقّب عبد الحليم حافظ العندليب الأسمر، واستحق محمد عبد الوهاب لقب الهرم الرابع، بعد لقبه الأول "موسيقار الأجيال".
لفخري البارودي، عدا عن نضالاته الوطنية وضلوعه في عالم السياسة، مآثر فنية لا تُنسى، منها تشجيعه الفنان الحلبي، صباح أبو قوس، على البقاء في سورية، ومساعدته إياه على الدخول في عالم الأضواء من بابه الواسع، وهو الذي لقبه صباح فخري، وهيأ له فرصة للغناء في القصر الرئاسي سنة 1948 أمام الرئيس شكري القوتلي، وهو الذي اشتغل على تأصيل التراث الموسيقي الشرقي. وكذلك أشار على مدير الإذاعة السورية، أحمد عسّه، بتبنّي المطربة فيروز، بعد إعجابه بالأغنية التي كتبها ولحنها منصور الرحباني "سوقي القطيع إلى المراعي".
جال محمد عبد الكريم في أمكنة كثيرة، في رحلة النبوغ والإبداع الطويلة، من دمشق إلى بيروت وبغداد والقاهرة والقدس وباريس والمدن الألمانية، وتعرّف على جهابذة التلحين والغناء. وفي بغداد، (أو في باريس، بحسب رواية أخرى) استمع ملك العراق فيصل إلى عزفه، فأطلق عليه لقب "أمير البزق"، وأصدر فرماناً خاصّاً بهذه التسمية. وفي القدس، تعلم التدوين الموسيقي، ولحن لمحمد غازي وماري عكاوي، ولعل أكثر ألحانه شهرةً كانت مع نجاح سلام "رقة حسنك وسمارك"، ومن أروع مآثره تأليف الشارة الموسيقية لإذاعة دمشق عند افتتاحها.
في لبنان، أطلق الموسيقار الفلسطيني، حليم الرومي، على المطربة نهاد حداد لقب فيروز، وعَرَّف عاصي ومنصور نفسيهما بلقب "الأخوان الرحباني"، وعُرفت جانيت فغالي باسم صباح، وحملت أيضاً لقب "الشحرورة".. وأما أشقاؤنا المصريون فيمكن أن نطلق عليهم لقباً هو "ملوك مطلقي الألقاب"، ففي وقت مبكر من القرن العشرين، أطلقوا على طه حسين لقب "عميد الأدب العربي"، وأضافوا لاسم سيد درويش لقب "الشيخ"، ولقّبوه "فنان الشعب"، وعُرف الشاعر أحمد شوقي بلقب "أمير الشعراء"، وقد ثبت الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان لقبَ الأمارة على شوقي ببيته الشهير الذي عارض فيه قصيدتَه عن المعلم، إذ قال: ويكاد يفلقني "الأميرُ" بقوله/ كاد المعلم أن يكون رسولا.
وكانت منيرة المهدية تُعرف بلقب "سلطانة الطرب" ثم اختصر لقبها إلى كلمة واحدة "السلطانة".. وسوء الحظ الذي تعرّضت له السلطانة كان بظهور المطربة فاطمة إبراهيم سيد البلتاجي التي لقبت أول مرة أم كلثوم، ثم لقبت ثومة، وسيدة الغناء العربي، وصاحبة العصمة، وكوكب الشرق، وقيثارة الشعب، في حين لقبت نجاة حسني البابا "نجاة الصغيرة"، ولقّب عبد الحليم حافظ العندليب الأسمر، واستحق محمد عبد الوهاب لقب الهرم الرابع، بعد لقبه الأول "موسيقار الأجيال".
from صحيفة العربي الجديد – صحيفة الزمن العربي الجديد https://www.alaraby.co.uk/opinion/2020/2/29/المبدعون-الكبار-وألقابهم-1
via IFTTT
تعليقات
إرسال تعليق