
يُثير غياب رئيس الوزراء التونسي المقال هشام المشيشي وامتناعه التام عن أي ظهور أو أي لقاء الكثير من الأسئلة، خاصة بعد النفي الذي نُشر في تونس على لسانه لواقعة تعرضه للضرب والاعتداء البدني داخل القصر الرئاسي في الليلة التي أقيل فيها من منصبه وأصدر فيها الرئيس قيس سعيّد قراراته ضد البرلمان والمؤسسات الدستورية العامة في البلاد.
وكان موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أول من انفرد بنشر الخبر قبل أيام عن تعرض المشيشي لإعتداء بدني وضرب داخل القصر عندما تم استدعاؤه واحتجازه هناك ليلة الأحد الماضي، لكن الموقع البريطاني يقول إنه طلب تأكيداً أو نفياً من القصر ومن رئاسة الحكومة لهذه المعلومات قبل نشرها، لكنه لم يتلقَ أي رد.
وسرعان ما تسربت هذه المعلومات الى العديد من وسائل الاعلام العالمية التي أكدت حصول الواقعة، وهو ما دفع وسائل إعلام تونسية مقربة من الرئيس قيس سعيد ومؤيدة لانقلابه على الدستور الى نشر نفي لهذه الأنباء، إلا أن اللافت في هذا النفي هو أن المشيشي نفسه لم يظهر على أي وسيلة إعلام بشكل مباشر، كما لم يعقد أي لقاءات مباشرة، الأمر الذي يُرجح صحة هذه المعلومات بدلاً من أن ينفيها.
وأكد مصدر تونسي مطلع لــ"عربي21" أن المشيشي لم يظهر على وسائل الاعلام ولم يلتقِ بأي شخص بسبب الاصابات الظاهرة على وجهه والتي قد تحتاج لعدة أيام وربما أسابيع حتى تختفي آثارها.
ويقول المصدر إنَّ المشيشي تعرض للكمات على وجهه داخل القصر الرئاسي عندما رفض القرارات والاجراءات التي أبلغه سعيّد بأنه سيقوم بها، وبعد ذلك تم إقالة المشيشي وإبعاده عن المشهد مع ضمان أن لا يظهر حتى لا ينكشف أمر الاعتداءات التي تعرض لها وتركت أثراً على بدنه.
إقرأ أيضا: المشيشي تعرض للضرب داخل القصر الرئاسي ليلة الانقلاب
وتعيد حادثة الاعتداء بالضرب على رئيس الوزراء التونسي الى الأذهان ما تعرض له رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في السعودية، عندما تعرض للضرب والصفع على وجهه في السعودية من أجل دفعه للإستقالة، سعياً من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتأزيم الوضع في لبنان.
ونفى الحريري مراراً تعرضه للضرب والاحتجاز في الرياض منذ حدوث الواقعة في أواخر العام 2017، إلا أن وسائل الاعلام الغربية تؤكد حصول الواقعة، وتؤكد بأن الوساطة الفرنسية هي التي أخلت سبيل الحريري ومكنته من العودة الى بيروت، حيث تراجع فوراً عن استقالته التي أجبر عليها في الرياض.
وتقول جريدة "ذا نيويوركر" الأمريكية في تقرير لها ترجمته "عربي21" إن "التاريخ يعيد نفسه، وإن الواقعة ذاته تتكرر في تونس، حيث تعرض رئيس الوزراء للضرب والاهانة والاعتداء البدني من أجل دفعه للاستقالة وإزاحته عن طريق الرئيس قيس سعيد".
وتشير الصحيفة الأمريكية الى أن المشيشي ينفي الواقعة كما نفاها الحريري من قبل، لكن هذا النفي لا يعني مطلقاً أن هذا الأمر لم يحدث.
إقرأ أيضا: تفاصيل جديدة لرحلة "رعب" احتجاز الحريري بالرياض
ويقول كاتب المقال في "ذا نيويوركر" إن أحد المسؤولين قال له عن الحريري: "وضعه السعوديون على كرسي، وصفعوه مراراً وتكراراً"، حيث كان ابن سلمان غاضباً من معاملة الحريري المزعومة لحزب الله، لكن هذه التكتيكات جاءت بنتائج عكسية مذهلة لدرجة أن الحريري عاد إلى بلاده كبطل.
ويتابع الكاتب: "في نفس العام، أعلن محمد بن سلمان ومعه محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي عن حصار قطر، وهي دولة خليجية صغيرة، على أمل الإطاحة بأميرها، إلا أن هذا المخطط انهار وفشل".
ولاحقاً لنفي المشيشي المنشور كنص مكتوب في الصحف المحلية التونسية، وليس في ظهور متلفز، جد موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تأكيده للواقعة،
وقالت "ميدل إيست آي" إنها تلتزم بتقريرها، وإنها اتصلت بالمشيشي والرئاسة التونسية للتعليق قبل نشر القصة، لكنها لم تتلقَ أي رد حتى لحظة النشر.
وأفاد موقع "ميدل إيست آي" أنه تم استدعاء الميشيشي للقصر الرئاسي يوم الأحد حيث أقاله سعيد، وأوضحت مصادر قريبة من المشيشي أن قادة الأمن الذين رافقوه إلى القصر لم يكونوا على علم بالخطة، وعندما رفض المشيشي الاستقالة في القصر تعرض للضرب.
وقالت المصادر أيضاً إنه في حين أنه لا يمكن التحقق من طبيعة إصابات المشيشي لأنه لم يُشاهد علناً، إلا أن موقع "ميدل إيست آي" يفهم أنها كانت "كبيرة".
وقالت المصادر إن المشيشي وافق بعد ذلك على الاستقالة قبل العودة إلى المنزل، حيث نفى تقارير لوسائل الإعلام المحلية بأنه كان قيد الإقامة الجبرية.
from عربي21 https://ift.tt/3fc3WuO
via IFTTT
تعليقات
إرسال تعليق