متى يكون هلاك الطاغية؟



إذا تولى الحاكم السلطة وسار في طريق الظلم فإنه يتدرج في الظلم، إلى أن يصل لمرحلة الطغيان، التي ما وصل لها ظالم إلا وقصمه الله، والطاغية يصل لهذا الوصف إذا عتا واعتدى وتجاوز في العدوان وتكبر، وهو ما وصل إليه طاغية العصر الحديث في مصر، وكم مر على مصر من طواغيت؟

هذا الطاغية المعتوه الذي أسرف في القتل، فسفك الدم بغير الحق لآلاف من المصريين مسلمين ونصارى، ولم يتورع أبدًا عن القتل، ولن يتورع عن القتل لأجل حماية سلطته، وهي زائلة لا محالة منه هذا الطاغية.

لا نكاد نجد مجال من مجالات الحياة في مصر إلا وقد أفسدها هذا الطاغية، تارةً بجهله، وتارةً أخرى بطغيانه، وقد أسرف في المال خدمةً لأغراضه الشخصية، مطالبًا شعبه (وهو مسئول عنه أمام الله) بالتقشف، وتحمل الفقر لأجل أن يشيد قصوره، ويبني حصنه في العاصمة الإدارية الجديدة.

هذا الطاغية الذي جُلَّ إنجازاته التي يكذب فيها على الناس إمام تشييد طرق وكباري بعيدًا عن أي تخطيط اقتصادي أو عمراني لبلد تكدست في أقل من 10% من مساحتها، على الرغم أن التخطيط العمراني السليم في مصر يتطلب التوسع الأفقي لمدن جديدة لا كباري جديدة.

يهدم أحياء بكاملها بداعي بناء أبراج جديدة، ولا يدري هذا الجاهل أن الحضارات لا تُبنى بهذا الشكل، وإنما الحضارة تكون:

أولًا: بزيادة المساحات الخضراء والرقعة الزراعية، فكان يستطيع بدلًا من صرف 8 مليار دولار على تفريعة لقناة السويس ليس لها أي جدوى اقتصادية لا الآن ولا حتى على المدى القريب، أن يستخدمها في زراعة قمح بدلًا من استيراده بمليارات الدولارات سنويًا، وبدلًا من صرف 360 مليار جنيه على العاصمة الإدارية التي لا جدوى لها على المستوى الاقتصادي المتأزم في مصر الآن، كان يستطيع زراعة مساحات شاسعة من الصحراء الغربية قمح، وبدلًا من صرف 360 مليار جنيه على قطار سريع لمجرد أنه يعده من إنجازاته، كان يستطيع استخدامهم في زراعة القمح..

كان السيسي يستطيع بكل هذه المليارات والقروض الخارجية زراعة القمح، ليحقق اكتفاءً ذاتيًا، يوفر منه مليارات سنوية لاستيراده، وكانت مصر ستصبح المورد الرئيس للخليج والعالم كله من محاصيل القمح المصرية.

ثانيًا: بزيادة المصانع والإنتاج، فقد كان باستطاعته بدلًا من إهدار هذه المليارات في مشاريع واهية ليس لها جدوى بناء العديد من المصانع لإنتاج الماكينات والأدوات الصناعية التي نستوردها من الخارج، وتصدير الفائض، وتوفير مليارات سنوية لمصر.

واستخراج كنوز الأرض من المعادن وغيرها، وبناء مصانع إنتاج لهذه المواد الخام بجانبها وتمهيد الطرق لها.

وفي النهاية إنشاء المدن السكنية بجوار هذه الزراعات، والصناعات، واستخدام الثروة البشرية التي أنعم الله على مصر بها في زيادة المساحات الخضراء، وفي زيادة الإنتاج والتصنيع بمصر.

لكن غرور هذا الجاهل عماه عن الاستخدام الأمثل لمبالغ خيالية كانت في يديه، فأضاع المال، وزاد التضخم، وزادت الديون الداخلية والخارجية، فذهب لزيادة الضرائب على المصريين، وتقليل قيمة مرتباتهم، وزيادة معاناتهم، كل هذا ولم يكتفِ، ولن يكتفي.

فهذا الطاغية عندما فشل هذا الفشل الذريع، أراد أن يتحجج بمبررات واهية، ويعزو فشله للزيادة السكانية (حسب تعبير الطواغيت على مر التاريخ) تارة، وتارة للأسعار العالمية، وتارة لجشع التجار، وتارة للمؤامرات الكونية ...

وصل هذا السيسي لمرحلة الطغيان.. وقد حان هلاكه.. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} [يوسف: 21].

تعليقات